توطئة
لا أعرف لماذا أتذكر هذا الآن، ولماذا أوطيء به حديث عن صباح متشابك الخيوط. فقط أذكر - والذكرى عبرة لمن يعتبر - أنني منذ صغري الذي تسجله الذاكرة وحتى الآن لا أنام في الليالي التي تسبق السفر إلى البحر. لا أختار ألا أنام. فقط لا أنام. أتذكر ليلة قضيتها في شرفة جدتي، وأخرى قريبة على الكومبيوتر، وثالثة أكوي ملابسي. من الجميل والمطمئن - نوعًا ما - أن أتذكر الآن أن هناك أصابيح مختلفة عن تلك متشابكة الخيوط.. أن هناك أصابيح لم أحتمل انتظارها وأحضرتها من يديها بنفسي
__________________________
من "فرج" - رضوى عاشور
أقول للطبيب: أشعر بالخوف، في الصحو والمنام. ربما أطير لأنني خائفة، ولكن عندما أطير أتخفف من خوفي. لا أعود أنتبه لوجوده. وحين
يغلب الخوف أجد نفسي غير قادرة على الوقوف أو المشي. أتمترس في السرير. يبدو الذهاب إلى العمل أو الخروج من البيت مهمة مستحيلة. أتحاشى الخروج ما أمكن. أتحاشى الناس، وأشعر بالوحشة لأنني بعيدة عنهم في الوقت نفسه. لحظة استيقاظي من النوم هي الأصعب. يستغرقني الاستعداد للخروج إلى العمل ساعتين، لا لأنني أتزيّن وأتجمل بل لأنني لا أكون قادرة على النزول إلى الشارع والذهاب إلى الوظيفة ولقاء من سألتقي بهم. وحين أذهب إلى العمل وأنهمك فيه، يتراجع الخوف كأنه كان وهماً، أو كأن حالتي في الصباح لم تكن سوى هواجس وخيالات. أسميت شعوري خوفاً ولكنني لست متأكدة من دقة التوصيف، ربما هو شيء آخر، إعراض أو توجس أو شعور مختلط لا يشكل الخوف إلا عنصراً واحداً من عناصره. لا أدري
.
.
يؤكد الطبيب أنني أقوى مما أظن، يقول إن دفاعاتي شديدة. لا أصدقه وأتشكك في نفع هذه الجلسات الطويلة المكلفة. أغادر عيادته وأمشي في الشارع، أبكي. أجفف دموعي وأدخل صيدلية أشتري منها الدواء الي أوصى به. أواظب عليه يومين أو ثلاثة ثم ألقي به في الزبالة. لا أحتاج دواءً
يتعين علي تسليك الخيوط، لابد من إيجاد مخرج. ما المشكلة؟ لابد من تحديد المشكلة قبل محاولة الخروج منها. ما هي المشكلة؟
__________________________
العنوان: من "ثلاثية غرناطة" - رضوى عاشور
.
.
إلى نور.. من تشاركني الصباحات المتعثرة والحلوة.. من قرأت لي هذه الكلمات وأتبعتها بحضن طويل دافيء
محبتي