Saturday, March 1, 2008

والابتسامة بجد

ما أصعب أن تكون هناك مواصلات لوجهتك على اتجاهي الطريق.. في البداية أحتار على أي رصيف أقف.. أختار أحدهما بعد تردد.. لا شيء يأتي.. أنتظر على الرصيف وعيناي معلقتان على الجانب الآخر من الطريق.. أرى رقمًا أليفًا في الأفق على الجانب الآخر.. أعبر الطريق بسرعة إلى الجانب الآخر.. أكتشف أن ألفة الرقم ليست حقيقية.. في هذه اللحظة بالذات، أرى الميني باص المُنتظر يقف على الجانب الآخر من الطريق.. ابتسم في استسلام.. لن ألحق به حتى لو عبرت الطريق في قفزة واحدة.. ابتسم ثانيةً في خجل وأنا أعبر للمرة الثانية إلى الجانب الآخر.. لابد أن المنتظرين على المحطة على جانبي الطريق قد لاحظوا قفزاتي المتكررة بين الجانبين كخفر السواحل.. لا بأس لا بأس.. يسعدني أن أكون سببًا في رسم ابتسامة على وجه أحد هؤلاء المتعبين في هذه الظهيرة المتربة.. بعد أن استقرت قدماي على أحد الجانبين لدقائق، ابتسمت وأنا أرى رقم الباص الأليف بوضوح يقترب على الجانب الآخر.. ابتسم وأنا أقفز عبر الطريق للمرة الثالثة.. ابتسم وأنا أصعد إلى الحافلة.. ابتسم أمام مداعبات الحياة تلك.. أتذكر صامويل بيكيت.. أبسط تفاصيل يوميات وجودنا تموج بالكوميديا.. والألم.
.
.
.
انزعجت بشدة من الطريقة التي تعامل بها الرجل الواقف أمام ماكينة التصوير مع كتاب إدوارد سعيد.. انزعجت لأنني كنت سببًا في كل ما تعرض له الكتاب.. كنت أبتسم وأنا أرى وجه إدوارد النحيل يظهر ويختفي كالبرق والرجل يقلب الكتاب في عنف.. أنا آسفة.. هكذا تمتمت وأنا أتناول الكتاب، وأعيد لصفحاته هيبتها المبعثرة.. وددت لو أحتضنه وأربت عليه.. ليتك تنضم لأولادي المستدفئين بالملابس التي لا أستخدمها في تلك الضلفة.. أعتقد أن صحبتهم ستكون ألطف بكثير من برودة الرف الذي أحضرتك منه، وسأعيدك – مضطرة – إليه خلال دقائق.. ربما يومًا ما ستنضم لأخوتك المحبين.. هكذا حدثت الكتاب.. في صمت طبعًا، وإلا لكانت العواقب وخيمة.
.
.
.

من العباسية للعجوزة واقفة على قدماي.. لم يكن الأمر بالغ الصعوبة.. حقًا نحن نرى ما نريد أن نرى.. النظارات تصنع كل الفرق.. لم أنتبه سوى للأدب الجم للشاب الواقف بجواري.. لحنو السيدة العجوز التي علقت عصاها على أحد الكراسي، واستأذنت أن تسند على كتفي (لأنها كانت واقفة هي الأخرى).. لم أرى العيون المغلقة على اتساعها أمام تلك السيدة.. فقط رأيت أنها تبتسم ابتسامة رائعة وهي تتألم من قدمها.. إنها المواصلات!!.. أحببتها منذ عرفت أنها لا تحب أحدًا، وأن علاقتنا لن تنتهي في المستقبل القريب.. علاقة حتمية بدون حب ليست شيء أحتمله على الإطلاق.. الغريب أنني بدأت أشعر مؤخرًا أنها تبادلني "قليل" من تلك المشاعر!!
.
.
.

كنت أنتظر اللقاء كعادتي.. توقعته حزينًا تلك المرة.. لم يكن كذلك!!.. النيل الكبير (كما أحب أن أسميه، وكما أشعر به كل لقاء) كان صبورًا كعادته.. ولكنه كان يخبيء لي مفاجأة.. على أحد الشاطئين، كان هناك مركب أزرق وثلاثة مراكب خضراء.. ابتسمت.. على الجانب الآخر كانت هناك الباخرة القبيحة التي لا أحبها.. تجاهلتها.. كان هذا النيل الكبير.. أما النيل الصغير فقد كان مبتسمًا، وانعكست عليه شمس العصاري بشكل بطولي.. في طريق العودة، حظيت بمشهد آخر للنيل الكبير.. مركب بشراع كبير..هناك، تحت الكوبري البعيد، تقف المراكب الثلاثة الخضراء بجوار المركب الأزرق.. اصطفافهم أكد لي أن المراكب هي الأخرى - أياً كان لونها - تقدر دفء جوار الأحبة.. ابتسمت.
.
.
.

انتظرت تلك الدموع طويلاً.. رجوتها أن تأتي.. أتت أخيرًا.. ولكن لأسباب مختلفة تمامًا.. لا بأس.. ابتسمت.
.
.
.
The Eternal Note:
"I can't go on. I'll go on."
Samuel Beckett

9 comments:

Beautiful Mind said...

سلام عليكم
..
انا شايف ان عبور الطريق مرتين تلاته ارحم من انك تركب الباص الغلط وفى الاخر تلاقى نفسك تايه
..
اعرف واحد حصله الموضوع ده كتير
هههه
:)
...
مش كل الناس عارفه قيمة الكتب
فاكره هنيدى لما قال(ساندين التربيزه بكتاب الف ليله وليله ياجهله)هه
....
هوا ايه "النيل الصغير ده"مش فاهم بصراحه
؟
:)

Anonymous said...

heheheh see who's quoting now from actors and not mentioning the works cited looooool :D

غلبانة يا بنتي
كلينا عليكي
لازم "تتثقفي بقي" ثقافة فنية

بس عارفة

انا مبسوطة ان واحد مارس كان افتتاحية جميلة لحاجات جميلة جاية ان شاء الله

قولي امين
:)

dandana said...

أبسط تفاصيل يوميات وجودنا تموج بالكوميديا.. والألم.

والابتسام الحلو احيانا

you have alovly way to say simple things

كلمات said...

Beautiful Mind,

وعليكم السلام

هو مين ده إلي بيركب الباص الغلط؟
حد نعرفه؟
:)
عادي.. يا ما ركبنا باصات غلط:)
بتحصل في أحسن العائلات
بس هو مين برضه؟؟

بما إنك يا زين هتنضم لإيبي في حملة التي تشنها ضدي بهدف تنويري وتثقيفي فنيًا، أطلب منك التكرم والتفضل باتباع الأسلوب الأكاديمي في ذكر المصدر ورقم الصفحة .. قصدي الفيلم وسنة العرض :)

هو كلكوا عليه ولا إيه؟

ألا تعرف النيل الصغير يا زين؟؟؟؟
معلش.. أنا بس إلي بسميه كده
النيل الصغير هو فرع النيل بتاع الزمالك والعجوزة :)

كلمات said...

Epitaph,

شفتي؟

حسبي الله ونعم الوكيل

حاضر.. هذاكر عشان أعرف أتكلم معاكوا

إنتي متأكدة إن مارس بدأ بداية حلوة؟؟
تساورني بعض الشكوك

بس هقول

آمين

:)

كلمات said...

Dandana,

Life has a lovely way of combining simple things :)

تسلمي، ونورتي الدار

Beautiful Mind said...

كلمات
شفتى اديكى عرفتى صاحبنا اللى بتكلم عليه
احم ...ان الله حليم ستار
وبخصوص كلمة هنيدى
دى فى فى فيلم "(صعيدى) فى الجامعه الامريكيه"
:)
وبعدين انا مش مثقف فنياً ولا حاجه
كل ما فى الأمر انى بحب الفيلم ده لأنه بيفكرنى بصاحبنا اللى بيتوه علطول ده
خصوصا لما تاه شويه وبعدبن راح الجامعه الامريكيه وقدم ورقه

محدش يقدر يجى عليكى دا احنا كلنا اخوات؟
واللى يفكر بس.
اطخه؟
:)

فى انتظار عودتك؟

روز said...

جميل جدا أنك ترين الدنيا بعيون مختلفة، وأنك لكِ رأيك الخاص بعيدا عن ابتذال كل الاشخاص الذين يتحدثون عن ذات النقاط !
..
جميل أيضا علاقة الحب والألفة بين راكبي المواصلات، فحتى لو كانت صغيرة وقليلة، إلا أنا تدوم طويلا وتذكرنا بأشياء جميلة حقا :)
بوركت يا فتاة :):)

كلمات said...

Beautiful Mind,

"صعيدي في الجامعة الأمريكية"!!

ما أنا بشوف الأفلام دي والله بس مش بفتكر الحاجات إلي بتقولوها دي :)

عمومًا أنتم على الرحب والسعة

لا تطخه ولا حاجة
مش عايزين خسائر في الأرواح

ها أنا قد عدت :)

Haneen,

Miss you, girl!!

وجميل أن تتفهمي نظرتي يا حنون

"عيون مختلفة"!!

عجبني قوي التعبير ده

أهي محاولات لمواصلة المسيرة يا جميلتي