Monday, December 22, 2008

"عارفة"




توطئة


تدور أحداث المشهد التالي في يوم ديسمبري مشمس ما بين ميدان "رمسيس" الواقع بوسط القاهرة، وميدان "الحنين" الكائن بوسط القلب


_____________


عندما حطت قدمي على أرض الميدان - مترجلة من ذلك الميكروباص العجيب الذي تقاضى خمسين قرشًا عن الرحلة من العباسية إلى رمسيس - كان "علي" يطرح سؤاله المعهود - بتلك النبرة التي تمزج بين الوجل واليقين: عارفة؟؟


وسط نبضات موسيقى عمر خيرت، وتنويعات علي التي تبدأ بـ "عارفة"، و"مش عارف ليه"، و"حاسس"، بدا الميدان مختلفًا عما اعتدت عليه إلى حد كبير. انحسرت كل أصوات الباعة واتخذت ركنًا منزويًا من المشهد. توقفت أيضًا حركة السيارات لجزء من الثانية ثم عادت للحركة البطيئة بشكل يشبه المؤثرات السينمائية حتى أنني شعرت أنني جزء من فيلم تسجيلي


الشيء الوحيد الذي بقى على حاله - تركوازيًا كما هو دائمًا في اللون والإحساس - كان المحطة.. محطة مصر. تعلق نظري بها أطول من اللازم، واستعدت في ثوان كل مرات السفر، والوداع، والوصول في حياتي


بينما كنت أعبر الطريق نحو الفجالة، كان "علي" قد وصل إلى جملتي المفضلة: "حاسس إن يمامة بتشرب بكفوفي".. ذلك الجزء الذي أشعر كلما سمعته بزغزغة في باطن كف يدي. في الأفق غير البعيد، لاحت لوحة إعلانات كبيرة تستند إلى سطح أحد العمائر القديمة الصفراء صاحبة الشبابيك الطويلة ذات اللون البني المحمر. مرت أجزاء أخرى من ثانية خارجة على سيطرة الساعة التقليدية، أدركت خلالها أن الوجه غير واضح الملامح في اللوحة لـ "علي" وأن اللوحة بأكملها إعلان عن ألبومه الجديد "حوا وآدم". كان يرتدي قميصًا شتويًا رصاصيًا ويستند في استرخاء معدٍ إلى خلفية من درجات الرصاصي يقطعها قلب أحمر صغير يقف بجانب العنوان. أطلت النظر.. غير مصدقة. سألت نفسي للحظة من أين يأتي الصوت.. من السماعات في أذني أم من تلك اللوحة التي تبدو غريبة تمامًا عن المكان؟ لم أر له إعلانًا من قبل في أي مكان.. لم تعتد عيني أن تقابل في تلك الإعلانات الضخمة التي تحتل سماء القاهرة سوى بوسترات الأفلام الرديئة و"نجوم" روتانا الذين يلوثون ميدان التحرير دون أي مبرر تاريخي أو جغرافي


انتبهت من بين تساؤلاتي إلى أن الفجالة أصبحت أمامي تمامًا، وأن الثانية الخارجة على أمر الزمن قد انتهت.. ولكن يبدو أن هذا اليوم العجيب يأبى أن ينتهي. بينما كان أحد الباعة يمارس عملية ابتزاز لوالد أحد الأطفال بإغراء الطفل باللعب بشكل بهلواني - ذلك التصرف الأخرق الذي يستفز الأم في - نفخ ذلك البائع نفخة كبيرة من علبة الفقاقيع الصابونية الملونة، ونتج ذلك الفعل غير التربوي عن اندفاع سحابة كبيرة من الفقاعات الملونة الصغيرة التي لم أجد بدًا من المشي بداخلها في نفس الثانية التي كان "علي" يختم فيها أغنيته. لم أملك سوى أن أبتسم في الشارع - كما اعتدت أن أفعل كثيرًا في الفترة الأخيرة - ورددت في سري: عارفة.. والله عارفة


___________________________


حاشية: بمجرد أن دخلت الفجالة، وجدت دار غريب - وجهتي - مغلقة، ولكن الأمر لم يعنيني في شيء.. تمامًا

Wednesday, December 10, 2008

الحب.. والأشياء

قرأتها ذات صباح في كتاب فتحته بالخطأ وأنا واقفة أمام الأرفف في مكتبة اللغة العربية.. أخذتني.. طازجة.. صادمة.. مؤلمة.. ملونة.. حُلوة.. دونت اسم القصيدة واسم الشاعر في دفتري.. واليوم فقط وجدتها
.
.
.
"الحب والأشياء"
.
.
وأمام الواجهة المَلأْى بفساتين الصيف
وأشياء الزينهْ ؟
كانت تتوقفُ عيناكِ على ثوب معروضٍ فى زاوية ملعونهْ
وتشدين بكفيك ذارعىّ

ما رأيك ؟
لا طَعْمَ لهُ
ونشقّ زحامَ الناسِ
نشقّ زحام الناس بخطواتٍ .. مطعونَهْ

* *

وعلى شط النيل الممتدّ
كنا نمشى ساعاتٍ لا نُجْهَدْ
ونحاول أن ننسى لون الفستانْ
فنقولُ كلاماً حلواً عن غدنا المفروش بوردْ
وكثيراً ما كنتِ تغنّين قصيدتّى الأولى
تلك الكلمات الخجلى
عن عينيكِ
وأشواقى
وليالى السهدْ
فإذا جاء الليل ، رجعنا
أقسمنا . . أنَّا
أروع من هذى الدنيا
والخد على الخدّْ

* *

لَيْلَى
كم من صيفٍ ولَّى
واليوم أعودُ إلى واجهة الأمسْ
فى جيبى ثمنُ الفستانْ
عيناىَ عليهْ
لكن ذراعىَ مرخاهْ
مرخاة فى يأسْ

_____________________________________
شعر: حامد طاهر

Monday, December 8, 2008

دعوة فرح

يا صاحب الزرقاء العالية.. يا وعد الحق.. يا الله
.
.
أدم فرحة العيد على قلوبنا
________________________
الصورة: ثاني أيام عيد الفطر 1429
محل زهور بالزمالك
تصوير: رزان

Friday, December 5, 2008

أحبك.. أكثر

ما بحسش بالبراح ده إلا في حضنك يا أمي
.
.
.
من: "مهما خدتني المدن" - عماد عبد الحليم

Wednesday, December 3, 2008

Knowledge!!

That Love is all there is,
Is all we know of Love.
Emily Dickinson, American poet
.
.
أنه كل شيء.. هو كل ما نعرف عن الحب
.
.
(An individual attempt at translating the somehow untranslatable.)

Friday, November 21, 2008

وجع البعاد وأشياء أخرى

أن تعمل في يوم الإجازة المنتظر ليس بالضرورة سيئاً. أفرح كثيرًا عندما أستيقظ قبل أن يدق منبهي. يدق المنبه - أو بالأصح تغني فيروز شط اسكندرية.. يا شط الهوى - بعد أن أنتهي من صلاة الصبح وأشرب الشاي باللبن وأرسل رسالة إلكترونية ذات صفة إدارية. حين يبدأ اللحن الرحباني وأنا جالسة أمام الكومبيوتر، أدرك أنني سبقت يومي بساعة، وأقرر أن أستمع إلى الأغنية بأكملها
.
.
أن تذهب إلى العمل في يوم الجمعة يعني الكثير من الأشياء الجميلة. تلقاك نسائم باردة بمجرد أن تخطو خارج المصعد. وتقبل جبهتك شمس نوفمبرية رقيقة، وتصافح عينك سحب متفرقة في السماء. الشارع خال تمامًا إلا من عدد بسيط من الناس يكفي لبعث الشعور بالأمان. المقعد الطويل بالمحطة يدعوني للجلوس. الهواء يسمح لك أن تتنفسه. 18 يأتي دون تأخير، محتفظًا بمقعد فارغ لكل من يرغب في الارتحال إلى وجهته
.
.
خلال اليوم، أحاول أن أتذكر من قال لي أن القلب اسمه كذلك من التقلب. لا أستطيع أن أتذكر، فقط أفكر في ماهية تقلب القلوب، وفي اسم مقلب القلوب
.
.
بعد ان أنتهي من الغداء، أتمنى لو كنت اكتفيت بالبرتقالة والجوافة التي أحضرتها معي من البيت
.
.
تزورني ذكراها وأنا أصلي العشاء. أتساءل: هل نسيت؟ أرغب بشدة في السقوط على قدمي. فقط لو يأتي السجود بسرعة. اشتقت إليها.. بألم
.
.
وأنا أعبر الطريق - عند مفترق الطرق - أتذكر أننا في شهر نوفمبر.أود لو احتضن النسائم الباردة بذراعي. أشتاق إلى إقباض يدي على مفاتيحي الفضة، وإلى رباعية من رباعيات جلال الدين الرومي. انتظر الباص عند الكشك. ألقي نظرة على الجرائد المتربة المفروشة على الرصيف. ألمح نسخة أخيرة من أخبار الأدب. أتناولها وألقي نظرة على العناوين دون أي نية لارتكاب حماقة شراء عدد آخر لا وقت لقرائته. ألمح اسمها، فأعرف على الفور أنني سأرتكب حماقة ما. أناول صاحب الكشك الجديد جنيهًا فضيًا وأجلس على مقعد المحطة أقرأ الحوار الذي ارتكبت من أجله الحماقة، وأتأكد أن كل الصدف لها معنى، وأن الكون يحاول أن يتحدث إلينا طوال الوقت. تتحدث رضوى عاشور في حوارها مع "أخبار الأدب" عن ما تسميه سجن العمر: الواقع الذي نعيشه يفرض علينا وعلى غيرنا درجة من العجز. السجن خارج السجن أقسى من السجن بداخله
.
.
في الطريق، أسمع لحن مألوف لعمرو دياب.. "وبينا ميعاد.. لو إحنا بعاد".. كثيرًا ما يستحق عمرو دياب أن تستمع إليه.. ولكن ليس دائمًا
.
.
أنتظر النزول من الباص لأعود لنسائم نوفمبر مرة أخرى. تقع عيناي على السماء بالصدفة بمجرد أن أنزل. أرى السحب لأول مرة كما لو كانت سهرايات خافتة تضيء ليل السماء. أرتاح. مع أول أو ثاني خطوة أخطوها ألمح ثلاث وردات بلدي على الأسفلت. أتخطاها غير مصدقة، ثم أعود خطوة إلى الوراء. أنظر يمينًا وشمالاً ثم أنحني وألتقط الوردات. اثنان وردي وأخرى حمراء. ألفهم بمنديلي الورق المهتريء حتى لا يجرحني الشوك. أنظر مرة أخرى إلى السماء، وأملأ رئتاي بنسيم نوفمبر
.
.
كل الصدف لها معنى، والكون يحاول أن يتحدث إلينا طوال الوقت
___________________
الصورة: غروب شمس الجمعة 14/نوفمبر/2008
حديقة الأزهر
"تصويري"

Thursday, November 13, 2008

أمشي في النور

الأربعاء 12/11/2008
لم يعد بوسعي الاستمرار في تلك المسرحية. لم يعد بوسعي مواصلة الدوران في تلك الساقية العبثية. لم أعد أتحمل
معادلة الهروب من الحزن من خلال "لا وقت للحزن".. من حقي أن أحزن على طريقتي.. لم يعد بوسعي ألا يكون حتى الحزن غير متاح
.
استيقظت في السادسة. إنه اليوم الأول في الأسبوع الثاني. حسنًا.. يوم جديد له نفس الأجزاء.. الزي الأسود.. اللهاث بين المحاضرات.. ربتات على الكتف.. تأكيدات كاذبة أنني بخير.. افتقاد مر ينمو في حديقة القلب.. أقنعة مختلفة الألوان.. الأبيض مع أمي.. الوردي مع الأطفال.. السماوي مع مريم.. سويعات نوم خاطفة تتخللها رؤى شديدة الحيوية تجعل الصحو أهون بكثير من النوم.. مجرد ليلة عرض جديدة لنص غير مترابط الأجزاء.. كفى
حسنًا.. من حقي أن أحزن على طريقتي
.
وجدتني على فراشها أبكي كالأطفال عندما يرفضون الذهاب إلى المدرسة لنفس السبب. تعبت. أحتاج إلى يوم واحد من الحزن غير العبثي. يوم واحد من الحزن على طريقتي. يوم واحد من الحزن الرحيم. أعتقد أنهم لو تركوني يوم واحد سأسوي أموري ويصبح كل شيء "على ما يرام". كنت أقول كل ذلك في كلمات غير مترابطة، ونفس متقطع، وإحساس مؤكد أنني لن أحصل على هذا اليوم، وأنه لا مفر من الوقوف على خشبة المسرح مرة أخرى. لكنها أعادت لي نفس الشعور القديم الذي كان يزورني عندما أنجح في إقناعها ألا أذهب للمدرسة. لم أتوقع هذا. هي التي أخذت تدفعني منذ اليوم الأول للانشغال بالدراسة والعمل. هي التي طلبت مني النزول في اليوم الثالث بعد أن اعتذرت عنه بالفعل. هي نفسها تحتضنني كما كنت أفعل معها طوال الأيام السابقة وتؤكد أن كل شيء على يرام، وأنها هي ستتولى ترتيب الاعتذارات بنفسها. تعرف جيدًا إلى أي نقطة وصلت إذن. تعرف كل شيء.. كل شيء
.
من الثامنة إلى التاسعة كنت أجري المكالمات وأرسل الرسائل هنا وهناك لإعلام كل الممثلين بإلغاء عرض الليلة.. رسائل للدكاترة بعد أن يكون أولادهم قد ذهبوا للمدرسة.. ثلاث نسخ من نفس الرسالة للطلبة.. رسائل هنا وهناك للزملاء.. انتهى. نفس عميق. توقف في دوران الساقية. نور خافت يضرب العينين نتيجة زوال الغما.. انتهى
.
رسالة قصيرة تصل – وليست ردًا على أحد الرسائل التي أرسلتها لتوي

"صباح يملؤه الأمل فيُسمع فيه صوت العصافير وينجلي معه صوت اليائس الحزين"

ابتسامة خفيفة.. جميل أن نتذكر من حين إلى آخر أننا نعرف الأشخاص الصح
.
تمامًا مثلما كنت أفعل وأنا صغيرة عندما أغيب من المدرسة. بمجرد أن نتجاوز ميعاد الذهاب للمدرسة، يهرب النوم وأقفز في نشاط. احتضنتها بقوة، وقبلت جبهتها، ثم قفزت فجأة مقترحة أن نخرج.. نذهب إلى حديقة الأزهر.. حالاً.. أحتاج إلى النظر إلى السماء.. أحتاج إلى أفق أخضر لانهائي.. آخر ما أحتاج إليه هو النوم. كانت متعبة للغاية، فأقنعتني أن نؤجل الأمر.. تمامًا تمامًا مثلما كانت تفعل وأنا صغيرة. ظلت بجانبي حتى نمت.. وعرفت فيما بعد أنها لم تنم
.
استمتعت بقضاء النهار معها. أفتقد كل ذلك. الوقوف سويًا في المطبخ. هي تعمل وأنا أتحدث طبعًا. ننتظر الأولاد في الشرفة ونحن نقشر البرتقال ونحلم بصوت عالي بتنسيق المنطقة المزروعة حول العمارة. فقط أفتقد الحياة على طريقتي.. لا على طريقة الساقية
.
أرى كيس سكر نبات مفتوح على البوفيه. أعرف لمن هو.. أو لمن كان. كيس سكر النبات الذي لم تكمله. ألمس قطع السكر بعد تردد. أختار ثلاثة.. قطعة كبيرة، وقطعة متوسطة، وأخرى صغيرة. تجلس أمي بجواري واضعة على حجرها قطعة قماش بيضاء تقسمها إلى مربعات صغيرة. أعرف لمن هي.. أو لمن كانت. أجلس في استسلام منتظرة نصيبي. تناولني قطعة قماش مربعة. أفردها على كفي وأضع قطع السكر النبات الثلاثة وألف قطعة القماش عليهم. بعد أن تنتهي أمي من أمر القماش تفتح حقيبتها وتخرج ورقات مالية جديدة من فئة الخمس جنيهات. تناولني واحدة في صمت. أعرف أيضًا ممن هي. لا نحتاج أنا وأمي أن نتبادل أي كلمات، بينما تقاوم كل منا دموعها خوفًا على الأخرى. في السويعات الأخيرة.. أخبرتهم بصوت منخفض كما لو كانت تفشي سرًا أن هناك رزمة من النقود الجديدة بين طيات الملابس في الدولاب، اقتطعتها لعيدية من لم يحضر في العيد – وأنا من هؤلاء. المبلغ المخصص لكل منا كان أكبر بكثير من الورقة الرصاصية التي تناولتها من أمي، ولكنهم آثروا أن يشتروا من مالها آخر غرض يلزمها من هذه الدنيا، كان لابد أن يكون من مالها، وهي التي طالما اشترت لنا كل جميل، ولم تتخذ لنفسها إلا القليل. طويت الورقة الجديدة وضممتها لدفء قطع السكر البنات. أخذت اللفافة البيضاء ووضعتها في الكيس القماش الملون ذي الرباط الستان الذي خاطته لي بيديها، وخاطت واحد مثله لكل بنت في العيلة. شديت الرباط الستان، وأعدت الكيس القماش إلى مكانه. لو لم يبقى لي منك سوى ثلاث قطع من السكر النبات، وقطعة قماش بيضاء، وورقة مالية جديدة، وكيش قماش برباط ستان لاكتفيت. ولكنكِ هناك في كل تفصيلة من تفاصيل حياتي، فلماذا أفتقدك إذن؟ سامحي سذاجتي
.
أشير لأمي كيف أن ارتداء السواد يصيب بالكآبة. توافقني الرأي. نتذكر سويًا في صمت كيف كانت تكره اللون الأسود. أرتدي الأسود رغم ذلك. أعالج الموقف على أي حال بسلسلتي وفراشتي الفضة الخضراء، والخاتم الفضة الأخضر، والكوفية الخضراء. أقبل أمي والأطفال، وأغادر. تلوح لي من الشرفة كما هي عادتها منذ أسبوع. تريد أن ترسل لي الجاكيت الكحلي. أؤكد لها أن الجو لطيف، رغم أنني أشعر بالبرد
.
وأنا أخطو الخطوات الأولى مبتعدة عن البيت ينتابني شوق جارف إلى كوز ذرة مشوي وبطاطا مشوية.. بشرط أن أقف بجوار القصعة حتى ينضج الذرة، وأن أستدفيء بعربة البطاطا حتى ينتهي الشوي.. لا أن آخذ ما أريد وأمشي. عندما أصل إلى الزمالك، وبعد أن أستفسر عن وجهتي، ومع أول ملف يمين أتخذه، أراها. عربة البطاطا. في حي السفارات في الزمالك. رعشة خفيفة تسري في جسدي. يتلاشى البرد. أقرر أن أعود لها بعد أن أنهي مشواري. الزمالك كالعادة لا تخيب ظني. الزمالك تعني لي مكتبة القاهرة الكبرى.. ساقية الصاوي.. محلات التحف والفضة.. كلية الفنون الجميلة.. الرصيف الهاديء.. مكتبة الديوان.. الشجر العجوز.. الورد الموف والأبيض.. محل الفخار.. المشي وحدي. الزمالك تعني ببساطة الشفاء. لم أخطيء حينما أتيت اليوم
.
وصلت إلى وجهتي، وأخذت كتابي، وتبقى فقط أن أعود لأرى نفس المعالم مرة أخرى وأمر على عربة البطاطا. اشتريت واحدة، دون أدنى شعور بالجوع.. كان علي أن أفعل وإلا كنت سأشعر أنني "قليلة الأدب". ليس بعد أن جاءت عربة البطاطا حي السفارات. عرجت على محل الفخار. اشتريت طبق أخضر مربع، وآخر مثلث، وفازة شفافة صغيرة أنوي أن أجمع فيها الودع والحصى. شعرت للحظة أنني أريد طبقين مربعين وطبقين مثلثين وكوبين من الفخار الأخضر. مجرد شعور. بقيت في المحل لأطول فترة ممكنة، فليس من السهل أن تودع الفخار. دفعت الحساب وخرجت مسرعة بدون سلامات. مررت على الزاوية الصغيرة التي صلينا فيها أنا ورزان المغرب في العيد. صليت المغرب، وخرجت أحمل كيس الفخار وكيس الكتب وبقايا البطاطا
.
نزلت وسط البلد، وتأكدت أنني اشتريت كل الكتب التي أريدها، وأخذت على نفسي وعدًا أنني لن أشتري أي كتب حتى معرض الكتاب. ازداد عدد الأكياس بشكل كبير. مررت على بائعة الجرائد التي تحب القطط. لمحت عندها كيك الزبيب الذي أبحث عنه منذ مدة. أخذت العلبة كاملة ودفعت ثمنها وواصلت طريقي. آخر ما رأيت قبل أن أدخل محطة المترو كان نصبة ذرة مشوي في غير أوانها. اشتريت ثلاثة كيزان غير مشوية.. سأسلقها مثلما علمتني هي
.
.
.
شكرًا لكل من شاركني الحزن على طريقتي
.
.
عربة البطاطا
.
.الورد الموف والأبيض
.
.

_______________

إعلان هام: تقرر وقف عرض المسرحية ذات النص غير المترابط حتى إشعار آخر

.

.
أمشي في النور: عنوان قصيدة لأدونيس، أما النور فنورها هي

Saturday, November 1, 2008

نور عيني

مرجيحة
أحاول أن ألمس طرف الخيط، أبحث عن البداية في صندوق الذكريات، متى كان المشهد الأول الذي يجمعنا وماذا كان؟ متى بدأنا.. أنا وهي؟ لا أذكر المشهد ذاته، ولكن أرى صورة حية له ترسمها كلماتها وهي تحكي لي عن تلك المرجيحة التي نصبها خالو على الجميزة أمام البيت الريفي الكبير الذي قضيت فيه أولى سنواتي. أراني - عبر صوتها - أرتفع في الهواء بعد دفعة قوية من خالو، وأصرخ وأستغيث بها، فتأتي مهرولة، تحملني وتعنف خالو، ثم تعيدني إلى المرجيحة وتهزها بلطف. أرتفع مرة أخرى نحو السماء، والشمس، والسحب الصغيرة الخجولة، لكن هذه المرة بلا أي صراخ. تبث في كلماتها وهي تحكي لي عن تلك المشاهد الأولى نفس الشعور الذي لابد قد شعرت به وهي بالقرب من المرجيحة.. أمان
.
.
حنفية

طول عمرك وإنتي بتحبي الميه. كان عندك يا
دوبك سنتين. كنتي تمشي زي الدبدوبة في الجنينة، ولما تقربي من حنفية الزرع، تبصي
يمين وشمال، وتجري تفتحيها وتغرقي نفسك، وآجي ألحقك،
وأشيلك، وأزعق لك، وأغير لك هدومك، وتاني يوم تتكرر نفس الحكاية. تموتي في
الميه

.
هكذا رسمت لي كلماتها ثاني المشاهد الأولى. حكت لي هذه الحكاية عشرات المرات، بطرق مختلفة، ولكن كان هناك دائمًا نفس الشعور
.
دفا الهدوم الناشفة بعد لسعة الهدوم المتغرقة ميه
.
.
محشي
أولى المشاهد التي أذكرها بنفسي لا من خلال حكاياتها.. أنا متمددة في كسل على السرير السفري (ذلك السرير ذو السوست الذي طالما لعب عليه كل أطفال العيلة "النطاطة") وهي تلف أصابع المحشي على الأرض.. يستمر المشهد لساعات، أميل خلالها بين الفينة والأخرى لتضع أصابعها السمراء الرفيعة حفنة صغيرة من رز الحشو النيء في فمي
.
.
حدوتة
نايمين أنا ومريم جنبها في أيام نباطشية ماما. تحكي لنا حدوتة الثلاث معيز. تغفو مريم سريعًا كالعادة هربًا من اللحظة التي يعد فيها الديب إناء الماء المغلي الضخم لتمر عليه المعيز الثلاثة. كان هناك معزة بيضا، وأخرى سمرا، وثالثة بني. توتا توتا فرغت الحدوتة، حلوة ولا ملتوتة؟ غالبًا ما كنا نقول "حلوة" ونغني غنوة. لم تحك لنا أبدًا سوى هذه الحدوتة. كل يوم نفس المعيز، ونفس الديب، ونفس النهاية. في مرحلة ما، أصبح مطلوبًا منا أن نمدها بأول خيوط الحدوتة ثم تكمل هي في منتهى السلاسة. بعد بضع سنوات من الفراق، عدت لأجدها قد نسيت الحدوتة. للأسف، لم أعد أذكر من الحدوتة سوى ألوان المعيز، وشخصية الديب، وحلة الميه المغلية
.
.
لانشون
كانت عارفة إن ماما مانعة اللانشون، عشان كده كان كل يوم نبات عندها فيه تعشينا لانشون، وأحيانًا نفطر لانشون كمان. ساعة المغرب، كانت تبعت تجيب العيش الفينو السخن وعلبة المربى والجبنة النستو وتحضر السندوتشات من بالليل، والساعة ستة ونص تصحيني وتقولي: يالله يا نور عيني.. قرآن الساعة ستة خلص.. يعني الساعة ستة ونص، وتسيب لي أنا عذاب تصحية مريم
.
في يوم من الأيام نسينا نجيب عيش بالليل، فجات المدرسة الساعة عشرة ومعاها كيسين سندوتشات. أنا فاكرة قوي طلتها من باب الفصل.. عبايتها السودة الشيك.. البونيه.. الطرحة الحرير الشفافة.. مش بنسى أبدًا إحساس المفاجأة لما طل وشها من باب الفصل
"يتبع"

Sunday, August 31, 2008

رحيل

وسألت باب الدار: وين الناس.. أهل الدار؟
قالي: الساكن غدار.. تركوا البيت.. طفيوا النار
___________________________
فيروز
"يا جبلي البعيد"

Sunday, August 24, 2008

أطياف.. من غرناطة

عرفت تميمًا وصيف العام الفائت يسلم مفاتيح الدار للخريف، ثم رأيت مريدًا وقت التقاء الخريف بالشتاء، وقرأت رضوى في عز الصيف، عندما لا يكون هناك تسليم مفاتيح، أو لقاء، أو وداع، عندما يستبد الصيف ولا نجد بدًا من التسليم باستبداده
.
.
بوركت هذه العائلة
.
.
تؤرقني كثيرًا فكرة أنه ربما كنت سأعيش وأموت دون أن أعرف ثلاثتهم.. مريد.. رضوى.. تميم
الفكرة على أي حال.. مستبعدة، فالطرق - رغم كل شيء - مازالت لا تضن علينا باللقاء
.
.
ثلاثية غرناطة نصٌ تحياه.. لا تقرأه
.
.
قرأته بالكامل تقريبًا في الحافلة.. شهدت الحافلة كل طقوس القراءة
الدموع
الضحك
أقواس كثيرة بالقلم الرصاص
إعادة قراءة الكثير من الصفحات
وأيضًا
السهو عن محطة النزول.. أكثر من مرة
.
.
في غرناطة المكان، هناك الكثير مما لا يسع المرء أن ينقطع عن عودته بعد الزيارة الأولى
(أو هكذا يخيل إلي)
في غرناطة النص، هناك الكثير مما لا يسع المرء أن ينقطع عن قراءته بعد القراءة الأولى
(هكذا عرفت ولمست)
.
.
هنا بعض من غرناطة.. النص.. المكان.. أو توحدهما
.
.
وصار أول المخطوط في الكتاب
لم يحجب خفوت ضوء الغسق عن سليمة وجه سعد.. لم تفهم اختلاجه ولا اجتماع الصفاء والكدر على صفحته المرتعشة بحزن عميق أحسته وإن لم تحط به. ولما رأت تلك الدمعة التي انحدرت من طرف العين خلسة مدت يدها إلى يده وأمسكت بها
(أحب هذه الفقرة.. أراها تسجل فوتوغرافيًا اللحظة التي أحبت فيها سليمة سعد.. دون أن تدري)
.
.
هذا القلب الذي يطلب فجأة ما لا ينال.. غريب هذا القلب، غريب
(تطرح غرناطة عددًا لانهائيًا من الأسئلة)
.
.
هل تراهم بعد ذلك أم ينقضي العمر، عمرهم وعمرها، دون أن تلتقي العيون بالعيون؟
.
.
ما الخطأ في أن يتعلق الغريق بلوح خشب أو عود أو قشة؟ ما الجرم في أن يصنع لنفسه قنديلاً مزججا وملونا لكي يتحمل عتمة أيامه؟ ما الخطيئة في ان يتطلع إلى يوم جديد آملا ومستبشرا
.
.
كان عليه أن يواجه النهار، كيف يواجهه؟
.
.
هل في الزمن النسيان حقًا كما يقولون؟ ليس صحيحًا. الزمن يجلو الذاكرة كأنه الماء تغمر الذهب فيه، يوما أو ألف عام فتجده في قاع النهر يلتمع. لا يفسد الماءُ سوى المعدن الرخيص، يصيب سطحه ساعة فيعلوه الصدأ. لا يسقط الزمن الأصيل في حياة الإنسان
.
.
عندما أذن الله للصبح الطيب بأن يطلع
(في غرناطة.. لا توجد إجابات نهائية.. فقط محاولات)
.
.
لا أرض بلا سماء: يا أحكم الحاكمين يا صاحب الزرقاء العالية يا وعد الحق.. يا الله
.
.
تبدو المصائب كبيرة تقبض الروح، ثم يأتي ما هو أعتى وأشد فيصغر ما بدا كبيرًا وينكمش متقلصًا في زاوية من القلب والحشا
.
.
في وحشة سجنك ترى أحبابك أكثر، لأن في الوقت متسعًا، ولأنهم يأتونك حدبًا عليك في محنتك، ويتركون لك أن تتملى وجوههم ما شئت وإن طال تأملك
.
.
تعرف أن الوقت لم يحن ولكنها ترى بعين الخيال عودة الغائبين، وتنتظر
.
.
تتلبد السماء بالغيوم أحيانا وتظلم، ولكنها أيضا تشرق في أحيان أخرى
.
.
أيضًا في غرناطة
تتحدث رضوى عاشور عن "رائحة العشب المبلل".. الرائحة التي عرفتها منذ زمن طويل.. وأدركت معناها مؤخرًا.. وكانت مفاجأة من زمن الفرحة البعيد أن أجدها عند رضوى
.
.
.
.
الكتابة عن غرناطة شفاء.. تمامًا مثل قراءتها
_____________________________________
الصورة: مشهد عن قرب لأحد أجزاء قصر الحمراء بغرناطة
جميع الاقتباسات الملونة ذات الخط المائل: من ثلاثية غرناطة
أطياف: اسم رواية لرضوى عاشور

Thursday, August 21, 2008

An Imagination!!

“When someone says you can’t do something, it shows that anything is possible.”
.
.
“When you put your mind to a certain thing, it can happen."
.
.
"The biggest thing is nothing is impossible."
.
.
"All it takes is an imagination.”
.
.
Michael Fred Phelps, American swimmer, 14-time Olympic gold medalist (the most by any Olympian), who currently holds seven world records in swimming.
____________________________________
Photo: A poster for Phelps in Beijing.

Tuesday, August 19, 2008

Hopefully :)

"If you keep a green bough in your heart, the singing bird will come."

A Chinese proverb

Sunday, August 17, 2008

المعنى

في المبتدى
إلى الوردة التي كلما تنقص نجوم سمائي تزيدني من نجوم سمائها، وكلما يغرق فجري تأخذ بيدي بكلتا يديها
.
.
.
تلمس
يتطلع إلى باطن كفيه يتملى ما فيهما من خطوط: باطل وقبض ريح أم شيء سوى ذلك؟ هل للحكاية معنى يراوغه، أم أنها عبث لا سبب فيها ولا نتيجة؟! خيط ينتظم اللحظات أم لحظات مبعثرة في مهب الريح لا يحكمها إلا الولادة في البداية والموت في الختام؟
.
.
السؤال
ما علاقة الأرض بالسماء؟ يعجزه الفهم لأن الحكاية في حكاية في حكاية. صندوق في صندوق في صندوق، ولا يملك سوى صندوقه الصغير الذي صنعه بيديه وأودع فيه كل ما يخصه من أوراق ومفاتيح وتذكارات
.
.
مناجاة
يا الله. حجابك، رغم هذه السماء الصافية، كثيف. توجتني بتاج العقل، وأبقيتني طالبأ فقيدا يعجزه المسطور في الكتاب. هل أودعت يا رب القلب جواب السؤال؟ وكيف لي أن أشق صدري، وأغسل قلبي من كل شائبة، فيصفو كما المرآة وينجلي، فأشاهد فيه معنى الحكاية والهدف؟
.
.
الجواب؟؟
يا طالبا لطريق السر تقصده .... ارجع وراءك فيك السر أجمعه
.
محيي الدين بن عربي
.
.
.
الإهداء في المبتدى مقتبس بتصرف من علي الحجار - أنا كنت عيدك
جميع الاقتباسات من "غرناطة" رضوى عاشور

Saturday, August 9, 2008

بواكير

"يا ناس"
يا ناس يا كتيرة وجميلة
في منك كده وكده
وناس لا كده ولا كده
يعني لا ليهم في الحياة بس عايشينها
يعني عايشينها وخلاص
يمكن في يوم يبأوا كده
كبار صغار باردو عايشينها كده
____________________________
أولى محاولات محمد في كتابة الشعر
.
.
الصورة أيضًا من اختياره

Tuesday, August 5, 2008

صناعة يوم

لأن الفرح والحزن يسببان نفس الوخز الرقيق في الحجاب الحاجز، أحيانًا ما يصاحبنا في الفراش شعور بالابتئاس الطفيف في نهاية يوم شهد كل الأشياء الجميلة الممكنة
.
.
السابعة والنصف
فيروز تنادي
"يا أنا.. يا أنا"
بقايا ابتئاس طفيف تتلاشى رويدًا رويدًا
.
.
غفوات كسولة قصيرة تقاومها فيروز
.
.
السابعة والنصف ودقائق
بابا مستلقي على السرير يشاهد التلفاز
"بالشام أهلي"
نزار قباني يقول لبلقيس:
"شكرًا لأنك بحجم أحلامي"
.
.
الثامنة
داخل "مريولة" المطبخ
عندما نغسل الأطباق، نغسل معها دون أن ندري أشياءًا أخرى
.
.
عندما يكون صباحك مخضوضرًا
تشعر أنك أعلى من الأرض بعدة سنتيمترات
.
.
ليس من رسم الخيال
نسمة الهوا صوتها أعلى
سحب على شكل قطع قطنية صغيرة تضمد جراح السماء
رائحة العشب المبلل أكثر وضوحًا اليوم
.
.
لم أكن بحاجة إلى نظارة الشمس اليوم
.
.
وخز خفيف
.
.
والسلام

Tuesday, July 29, 2008

Wavering!!


لا تجبر الانسان ولا تخيره
.
يكفيه ما فيه من عقل بيحيره
.
اللى النهارده بيطلبه ويشتهيه
.
هوه اللى بكره هيشتهى يغيره
.
.
وعجبى

Monday, July 28, 2008

مقاومة

ينحني الورد
في غمرة الريح
ولا ينكسر
_________________
شعر: أمير قانصوه
(من حكايا انتصار المقاومة في لبنان - صيف 2006)

Tuesday, July 22, 2008

The Other!


"How easy it is to assume a single identity for an individual who, like most of us in today's integrated world, has multiple identities."
Paul Smith
Director, British Council - Egypt
.
.
I found the illustration in a review of a children's story entitled Friends from the Other Side (Spanish: Amigos del otro Lado)

Thursday, June 26, 2008

سؤال

فين طلتك في الدقايق تسبق المواعيد
والابتسامة اللي أحلى من السلام بالإيد؟
.
.
فؤاد حداد

Tuesday, June 24, 2008

دارين قلبي

ولدت "دارين" مع غروب شمس السبت السابع من يونيو

.

حسنًا فعلت دارين وجاءت في آخر أيام امتحانات تلك السنة "التمهيدية".. كم أتوق لاكتشاف ما تمهد له هذه السنة

.

دارين منحتني لقب "خالة".. أصبحت الآن أمتلك لقب "آنتي" الذي طالما أنادي به خالتي.. الأمر ليس هينًا على الإطلاق

.

يوم الخميس الثاني عشر من يونيو كنت أشتري لدارين كتابًا.. سأفخر دائمًا أن أول كتاب تتلقيه في حياتك كان مني يا دارين

.

يوم الأحد الخامس عشر من يونيو كنت أحتضن دارين بين ذراعي وأتلمس بعيني وجهها الجميل

.

يا دارين.. لم أعرف أنني سأحبك على هذا النحو

.

Auntie Mona

Sunday, June 1, 2008

وجذر الهوى فيك مد

كان ذلك في صبيحة يوم جمعة على ما أتذكر.. اليوم الوحيد الذي نفطر فيه سويًا، ووفقًا لطقوس معينة لم تعتريها عبر السنين سوى تعديلات بسيطة.. بابا يعد طبق الفول بالطماطم والثوم.. أنا أقوم بتسخين العيش (وأحمصه زيادة شوية لتوخي الدقة).. ماما في إعفاء مؤقت من الخدمة.. ثم الملاءة الملونة على الأرض أمام البلكونة.. ثم الشاي في البراد.. عادة مع بعض فصوص القرنفل
.
.
كنا نتناول الشاي.. سرح كعادته في ما لا يمكن لأحد أن يحدده.. مال برأسه في هدوء.. "فاضل شوية ويتلاقوا".. ملت أنا الأخرى برأسي في نفس الاتجاه، عرفت أنه يتحدث عنهما.. اعتراني شعور غامر بالفرح لكلماته.. تابعتهما لفترة بانتظام لأعرف متى سيلتقوا، ولكن لسبب ما لا أعرفه نسيت الموضوع، ولم أعد أتابع رحلتهما نحو العناق المنتظر
.
.
منذ أيام ألقى بي صديقي الباص "160" على ناصية الشارع، تاركًا إياي أمام شارع طويل مشمس بلا أي رقعة ظل في منتصف النهار.. عندما وصلت لهما، احتضنتني رقعة كبيرة وحنونة من الظل.. اتساعها وريحها الطيب جعلاني أتطلع إلى مصدرها.. عندما رفعت بصري إلى السماء، رأيتهما.. الشجرتان الكبيرتان قد التقيا وتعانقا.. صانعين بحيرة الظل تلك.. التي لا تستطيع شجرة وحيدة مهما كانت مورقة أن ترسمها.. نسيم بحيرة الظل تلك لا يصنعه سوى لقاء بين الأحبة.. حتى لو كانوا شجرتين تنبأ أبي بلقائهما قبل أن يحين ميعاده ببضع سنين
.
.
ذكرني كل ما حدث بفقرة في رواية بهاء طاهر "واحة الغروب".. أحضرتها من الدولاب، وأخذت أقلب أوراقها، لأري أنني بالفعل قد أحطت تلك الفقرة بقوسين كبيرين بالقلم الرصاص.. إلى الشجرتين وبحيرة الظل التي أزهرها عناقهما أهدي هذه الكلمات
.
.
صمم الملك أن يفصل بينها وبين حبيبها حتى في الموت، دفنها بعيدًا عن قبره يفصل بينهما نهر أو قناة. لكن نبتة نمت من قبرها، لعلها اللبلاب، استطالت وامتدت في البر وعبر الماء فعانقت في الضفة الأخرى فرعًا نما من قبر حبيبها ونبتت من عناقهما شجيرة، أمر الملك بقطع الشجيرة وبتر الفرعين لكنهما نبتا من جديد وتعانقا مرة ومرتين ومرات كثيرة إلى أن يئس الملك وأوقف البتر. قهر حبهما في الممات إرادة الشر
____________________________
العنوان من أغنية: أحبك أكثر.. أميمة خليل

Thursday, May 29, 2008

عندما تتوسط الشمس السماء، سأكون هناك



والناس في عز البرد يجروا ويستخبوا

وأنا كنت بجري وأخبي نفسي أوام في قلبه

Tuesday, May 27, 2008

مرجيحة

يا مرجيحة مرجحيني
طلعيني ونزليني
من سمانا قربيني
حبه حبه ورجعيني
****
يا مرجيحة ياللا هوبه
طلعيني أعلى قبه
واما الشمس تستخبى
على بيتنا روحيني
****
يا مرجيحة!!.. اوعي مرة توقعيني
_______________________
من كتاب الأغاني
بتاع محمد ومي
مش بتاع الأصفهاني

مكان يتسع لشخصين للأبد

الحب حضور في الزمان والمكان

Friday, May 23, 2008

بعد غياب



وأعشق عمري لأني
إذا مت أخجل من دمع أمي

.
.
من بين شقوق الشيش
كانت تطل علي بين الحين والآخر.. تفتح الباب بما يكفي فقط لتدخل رأسها.. تنظر إلي في إشفاق.. "عاملة إيه؟".. لم أستطع ان أخفي عليها إحساسي في كل مرة.. كنت أقول لها.. في صمت.. "إني أغرق".. وكانت تسمعني جيدًا.. يزداد قلقها، وتتمتم ببعض الكلمات الغاضبة مما
يحدث.. تسحب رأسها بتوتر.. وتغلق الباب
.
.

هرمت فردي نجوم الطفولة
حتى أشار ك صغار العصافير
درب الرجوع
لعش انتظارك

.
.
الجسر
بالأمس جاءت تصلي في غرفتي.. قبل أن ترفع يديها لتكبر، سرحت وهي تنظر إلى سقف الغرفة، وتعدل رداء الصلاة.. فاجئتني بصوتها وأنا أظنها قد انخرطت في الصلاة: بصي يا منى، اتخيلي إنك ماشية في غيط مليان خضرة أو جنينة جميلة، وقابلتك "قناية" فيها مية راكدة، ولازم تعديها عشان تكملي رحلتك وسط الخضرة، وع البر التاني إنتي شايفة وشوش كل إلي بتحبيهم، بيبصوا لك ومستنيينك.. عارفة هتعملي إيه؟ هتفضلي ماشية ماشية لغاية ما تلاقي جسر صغير ما هو إلا جذع شجرة، هتعدي عليه وإنتي خايفة، وتمشي بالراحة خطوة خطوة، وتمسكي إيد صحابك إلي معاكي، وتسندوا بعض، وبعدين هتوصلوا، وتلاقونا مستنيينكوا ع البر التاني، وتكملوا الرحلة.. وسط الخضرة
انتهت هي من كلامها، وأنا ارتسمت على وجهي ابتسامة تسللت خلسة إلى القلب.. مازالت محتفظة بخيال الطفولة الملون.. هكذا هي أمي.. أداعبها دائمًا بشأن خيالها اللا محدود
.
.

ضعيني إذا ما رجعت
وقودا بتنور نارك
و حبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدت الوقوف
بدون صلاة نهارك

.
.

من كل ما حدث في الأيام الثلاثة الماضية لا أريد أن أتذكر سوى تلك اللحظات، وتلك الحديقة، وذلك الجسر الذي تحدثت عنهم أمي.. قد كفانا ما قد كان
_________________________
الشعر: محمود درويش
لحنه وغناه: مارسيل خليفة
أحن إلى خبز أمي

Tuesday, April 29, 2008

Monday, April 28, 2008

نول


هناك من يحترفون غزل ثوب الفرح
قد لا يفعلون ذلك عمدًا.. يبدو الأمر أحيانًا كما لو أنهم لا يحيون إلا وثوب الفرح ينمو بين أصابعهم
.
.
وهناك من يحترفون تنسيل خيوط ذلك الثوب
لا لأنهم يريدون ذلك حقًا.. ولكن يبدو أنهم لا يملكون إلا أن يفعلوا ذلك
.
.
"دنيا"

Saturday, April 26, 2008

امــــــــتـــــــــــــحـــــــــــــــــــــــــــانــــــــــــــــــــــــات


أكرهها.. وأشتهي وصلها
(عشان نخلص)
.
وإنني أحب كرهي لها
(من زماااااااااان)
.
أحب هذا اللؤم في عينها
(عين الامتحانات :D)
.
وزورها إذ زورت قولها
(الامتحانات بالتأكيد :D)
______________________
شعار المرحلة: صبر جميل
:((

Friday, April 25, 2008

لأصبح حر


أحس حيال عينيك

بشيء داخلي يبكي

.

.

فيا ذات العيون الخضر

دعي عينيك مغمضتين فوق السر

لأصبح حر

_________________

من قصيدة "براءة".. ديوان "مقتل القمر".. أمل دنقل

Wednesday, April 16, 2008

على بالي أدوق طعم التوهان

لو توهنا نتوه.. ما إحنا الدراويش
بنلف ندور.. وأهو كده بنعيش
__________________
العنوان والكلمات من أغنية
"يا سيدي"
أميمة خليل

Monday, April 14, 2008

الظل يعشق الشمس أحيانًا

"شمسك راح تسكن ضلي"
.
كنا صغارًا.. نستحم يوم الجمعة نهارًا.. نستسلم في هدوء ليد "ماما" وهي تجدل الضفائر.. نجري بعدها نبحث عن رقعة شمس في البلكونة.. نجلس القرفصاء.. أنا ومريم.. أحيانًا ما كنا نمدد أرجلنا الصغيرة لتستحم هي الأخرى في الشمس.. نعرض ضفائرنا المجدولة حديثًا للشمس.. مريم تؤمن أن تعريض الشعر للشمس يكسبه لونًا فاتحًا.. "ماما" قالت لها ذلك في يوم من الأيام.. آمنت بقوة أن الجلوس في الشمس سيكسبها بعض الشعرات الملونة.. لم يحدث ذلك أبدًا يا مريم.. لا بأس.. لطالما بهرني سواد شعرك تحت شمس يوم الجمعة.. ولكن المرة القادمة، لا تصدقي كل ما يقال يا صغيرتي.. على العموم، "الماما" لم تكن تقصد.. صدقت بالفعل أن الشمس تلون الشعر.. كانت حسنة النية يا مريم.. لم تقصد تضليلك على الإطلاق.. ثقي في ذلك.. أحبك
.
.
.
"قولوا لعين الشمس ما تحماش"
.
ها هي الشمس تقسو
لا أحب تحولها المستمر
كيف يمكن لها أن تمتلك كل هذه الوجوه؟
كيف يمكن لشمس الخريف الحنون أن تستسلم للضعف أمام الشتاء؟
كيف تحتجب عنا بالأيام، تاركة إيانا (أنا وماما) نواجه وحدنا اكتئاب الشتاء؟
كيف تصبح شمس يناير وفبرايرالبرتقالية العفية شمس مارس البيضاء الغاضبة؟
.
غاضبة منها أنا لأنها تقلبت كعادتها
ارتدت قناع الصيف دون سابق إنذار
لم يعد في استطاعتي أن أصافحها صباحًا
لن أختار الشارع المشمس من الآن فصاعدًا
سأرفع مضطرة حجاب كراستي بين وجهي وبينك
سنبتعد أنا وأنت.. مؤقتًا
سأراك فقط من خلف زجاج النوافذ
إلى أن نلتقي.. ساعة الغروب
عند تلك البحيرة
في يوم من أيام شهر أغسطس
.
رغم كل شيء.. أحبك

Sunday, April 13, 2008

عيون مغلقة على اتساعها

You can neither fully open your eyes, nor shut them altogether.
It's too unbearable to be seen, and too striking to be ignored.
Whether you choose to see or not to see, the pain finds it way into your heart.
And there, it dwells.

Sunday, April 6, 2008

دعوة للغناء.. بصوت عالي

غنوتك وسط الجموع
...
تهز قلب الليل فرح
...
تداوي جرح إلي انجرح.. إلي انجرح


ولو في يوم
...
راح تنكسر
...
لازم تقوم
...
واقف كما
...
النخل باصص للسما

___________________

"علي صوتك بالغنا"

محمد منير

كلمات: كوثر مصطفى

تلحين: كمال الطويل

"المصير"


Tuesday, April 1, 2008

نسكافيه باللبن

"لماذا أتذكره وأنا أضيف اللبن إلى النسكافيه؟"
.
.
بدا السؤال الذي صاحبته ملامح هلع على وجهها موجهًا لي.. ابتسمت.. دار بداخلي تساؤل حول توقعاتها حيال ردة فعلي.. حول الآمال التي تعلقها علي.. لماذا تحكي لي؟ هل تريدني أن ألعب دور الأم؟.. هل تريد مني نصيحة جادة بالابتعاد عن هذه الخيالات السخيفة؟ لا.. لا أظن.. لم يبد لي أنها منزعجة من الأمر الذي تحكي عنه بأي حال من الأحوال.. على العكس تمامًا.. اعتلت وجهها إشراقة لم أرها منذ فترة.. لم أرها أبدًا تقريبًا.. هل تريد مني أن أستمع في صمت؟ لم يرضها صمتي أبدًا.. ستنتظر مني تعليقًا بلا شك.. ما جدوى التفكير في كل هذه الأدوار المفترضة؟ لماذا أفترض أساسًا أنها تحكي وفقًا لخطة واعية محددة الأهداف؟ كان من الواضح أنها لم تملك خيار البوح أو عدمه.. انسيابية وتلقائية حديثها يؤكدان أنها كانت تستسلم في هدوء أمام قوة مجهولة تدفعها إلى البوح كما تدفع أمواج المد العملاقة أغصان الشجر.
___________________________
*بينما كنت أقلب اليوم في دفتر يومياتي، عثرت على هذه الفقرة. كتبتها منذ شهور، ثم لم أكمل القصة أبدًا. لم أرغب في إكمالها اليوم، لكنني أردت أن أراها هنا. ربما أكملها يومًا ما.. ربما.
____________________
*غيرت "نسكافيه بالحليب" إلى "نسكافيه باللبن".. لأسباب شعورية خالصة
أشعر به باللبن، لا بالحليب

Monday, March 31, 2008

ما لم أكن أعلم


ما نهاية ذلك الشيء الذي لا مطلب له ولا خلاص منه؟
.
.
يأس مريح واستسلام نهائي: لا مهرب فلا تحاول.
ارض بما يحدث. تقبل نعمة أن علمت ما لم تكن تعلم.
.
.
(محمود عبد الظاهر محدثًا نفسه)
.
"واحة الغروب"
.
بهاء طاهر

All reminds me of you!!



*All Kinds of Everything*

Snowdrops and daffodils, butterflies and bees

Sailboats and fishermen, things of the sea

Wishing wells, wedding bells, early morning dew

All kinds of everything remind me of you.

.

.


Seagulls and aeroplanes, things of the sky

Winds that go howling, breezes that sigh

City sights, neon lights, grey skies or blue

All kinds of everything remind me of you.

.

.

Summertime, wintertime

Spring and autumn too

Monday, Tuesday, every day

I think of you.

.

.

Dances, romances, things of the night

Sunshine and holidays, postcards to write

Budding trees, autumn leaves, a snowflake or two

All kinds of everything remind me of you.

.

.

Summertime, wintertime

Spring and autumn too

Seasons will never change

The way that I love you.

.

.

Dances, romances, things of the night

Sunshine and holidays, postcards to write

Budding trees, autumn leaves, a snowflake or two

All kinds of everything remind me of you

All kinds of everything remind me of you.

.

.

Dana Rosemary Scallon

Thursday, March 27, 2008

دعوة للتحليق



الشمس آهي طالعة و ضحاها

والطير آهي سارحة في سماها

يالله معاها.. يالله معاها

يا صباح الخير يا إلي معانا.. يا إلي معانا
.
.

"يا صباح الخير يا إلي معانا"
أم كلثوم
.
.
The photo
Title: Morning
Artist: Maxfield Parrish

Tuesday, March 18, 2008

فسيفساء يومية

سؤالات مالهاش جوابات
.
.
لماذا لا تتسع بحيرة الرضا لاثنين؟
.
.
ما هذا الحزن الذي يترقرق في عينيك؟ أهو حزني أم حزن آخر؟
.
.
هو ممكن صاحب يسمع صوت صاحبه وهو بيضحك "وكأن الضحكة بجد" وما يلمسش بأطراف صوابعه الحزن المتلثم بالضحكة؟ ممكن؟
.
.
إزاي أنا كنت مصدق إن إحنا قريبين كل ده؟
هو أنا كنت مش شايف، ولا كنت خايف أشوف؟
من فيلم "ملك وكتابة"
.
.
اكتشافات
.
.
لحظة ميلاد الفرح كان فيه حبيب رايح
.
.
الصبارة إلي في البلكونة طلعت وردة حمرا تشرح القلب.. إنها بشاير الربيع
.
.
غناء
.
.
يداك خمائل
لكنني لا أغني
ككل البلابل
فإن السلاسل
تعلمني أن أقاتل
أقاتل.. أقاتل
محمود درويش
.
.
ختام
.
.
وليه نعيش إذا كانش بكرة يراضينا؟
وإزاي ننام من غير ما نحلم ببكرة؟
مقدمة "المال والبنون"