Friday, November 21, 2008

وجع البعاد وأشياء أخرى

أن تعمل في يوم الإجازة المنتظر ليس بالضرورة سيئاً. أفرح كثيرًا عندما أستيقظ قبل أن يدق منبهي. يدق المنبه - أو بالأصح تغني فيروز شط اسكندرية.. يا شط الهوى - بعد أن أنتهي من صلاة الصبح وأشرب الشاي باللبن وأرسل رسالة إلكترونية ذات صفة إدارية. حين يبدأ اللحن الرحباني وأنا جالسة أمام الكومبيوتر، أدرك أنني سبقت يومي بساعة، وأقرر أن أستمع إلى الأغنية بأكملها
.
.
أن تذهب إلى العمل في يوم الجمعة يعني الكثير من الأشياء الجميلة. تلقاك نسائم باردة بمجرد أن تخطو خارج المصعد. وتقبل جبهتك شمس نوفمبرية رقيقة، وتصافح عينك سحب متفرقة في السماء. الشارع خال تمامًا إلا من عدد بسيط من الناس يكفي لبعث الشعور بالأمان. المقعد الطويل بالمحطة يدعوني للجلوس. الهواء يسمح لك أن تتنفسه. 18 يأتي دون تأخير، محتفظًا بمقعد فارغ لكل من يرغب في الارتحال إلى وجهته
.
.
خلال اليوم، أحاول أن أتذكر من قال لي أن القلب اسمه كذلك من التقلب. لا أستطيع أن أتذكر، فقط أفكر في ماهية تقلب القلوب، وفي اسم مقلب القلوب
.
.
بعد ان أنتهي من الغداء، أتمنى لو كنت اكتفيت بالبرتقالة والجوافة التي أحضرتها معي من البيت
.
.
تزورني ذكراها وأنا أصلي العشاء. أتساءل: هل نسيت؟ أرغب بشدة في السقوط على قدمي. فقط لو يأتي السجود بسرعة. اشتقت إليها.. بألم
.
.
وأنا أعبر الطريق - عند مفترق الطرق - أتذكر أننا في شهر نوفمبر.أود لو احتضن النسائم الباردة بذراعي. أشتاق إلى إقباض يدي على مفاتيحي الفضة، وإلى رباعية من رباعيات جلال الدين الرومي. انتظر الباص عند الكشك. ألقي نظرة على الجرائد المتربة المفروشة على الرصيف. ألمح نسخة أخيرة من أخبار الأدب. أتناولها وألقي نظرة على العناوين دون أي نية لارتكاب حماقة شراء عدد آخر لا وقت لقرائته. ألمح اسمها، فأعرف على الفور أنني سأرتكب حماقة ما. أناول صاحب الكشك الجديد جنيهًا فضيًا وأجلس على مقعد المحطة أقرأ الحوار الذي ارتكبت من أجله الحماقة، وأتأكد أن كل الصدف لها معنى، وأن الكون يحاول أن يتحدث إلينا طوال الوقت. تتحدث رضوى عاشور في حوارها مع "أخبار الأدب" عن ما تسميه سجن العمر: الواقع الذي نعيشه يفرض علينا وعلى غيرنا درجة من العجز. السجن خارج السجن أقسى من السجن بداخله
.
.
في الطريق، أسمع لحن مألوف لعمرو دياب.. "وبينا ميعاد.. لو إحنا بعاد".. كثيرًا ما يستحق عمرو دياب أن تستمع إليه.. ولكن ليس دائمًا
.
.
أنتظر النزول من الباص لأعود لنسائم نوفمبر مرة أخرى. تقع عيناي على السماء بالصدفة بمجرد أن أنزل. أرى السحب لأول مرة كما لو كانت سهرايات خافتة تضيء ليل السماء. أرتاح. مع أول أو ثاني خطوة أخطوها ألمح ثلاث وردات بلدي على الأسفلت. أتخطاها غير مصدقة، ثم أعود خطوة إلى الوراء. أنظر يمينًا وشمالاً ثم أنحني وألتقط الوردات. اثنان وردي وأخرى حمراء. ألفهم بمنديلي الورق المهتريء حتى لا يجرحني الشوك. أنظر مرة أخرى إلى السماء، وأملأ رئتاي بنسيم نوفمبر
.
.
كل الصدف لها معنى، والكون يحاول أن يتحدث إلينا طوال الوقت
___________________
الصورة: غروب شمس الجمعة 14/نوفمبر/2008
حديقة الأزهر
"تصويري"

10 comments:

دينا فهمي said...

أنا جسمي قشعر يا منى
انتي تستاهلي جنينة بحالها
مش تلات وردات بس

Ola said...

"أدرك أنني سبقت يومي بساعة"
حلو أوي التشبيه

Nour said...

God is in the details, right? :)

Beautiful Mind said...
This comment has been removed by the author.
Beautiful Mind said...

كل الصدف لها معنى، وأن الكون يحاول أن يتحدث إلينا طوال الوقت
صدقتى
قرأت نفس المعنى فى رواية " الكيميائى "لباولو كيلو كان يقول
يجب عليك ان تتعلم اللغه الكونيه وان تنصت دائما لها فرغم اختلاف اللغات فان كل الاشياء فى النهايه هى شىء واحد وفريد
*****
شغل يوم الجمعه
No comment.
******
لقد وجدتى الوردات اذاً
حسناً يسعدنى انك تذكرتى النصيحه وانتبهتى للأشواك
:)
******
الصوره مدهشة
حزن الشمس ساعة الغروب
كوجع القلب ساعة الفراق
******
الواقع الذي نعيشه يفرض علينا وعلى غيرنا درجة من العجز.السجن خارج السجن أقسى من السجن بداخله
هذا هو بالفعل ما أسميتيه "وجع
البعاد"واشياء أخرى

روز said...

كل الصدف ليها معنى، مع إني مش باصدق في ده في كل وقت
أحييكي على إنك لسه مصدقة في المبدأ ده :)

كلمات said...

Dina,

تسلمي يا دينا
:)
"إنتوا الجنينة يا بنات"

_______________________________

Frustrated,

You touched upon the heart of it all, dear.

It all began in the early morning, when I realized I'm one hour "ahead" :)

______________________________

Nour,

He is.. always :)

سبحانه وتعالى

Have you ever pondered on the divine name
الحنَّان؟

I like the variation on the quote. This is what we call - in translation studies - "shift" :))

________________________________

Beautiful Mind,

First of all, welcome back :)

باولو كويليو هو من جعلني أمشي في الطرقات أبحث عن الرسائل

***
شغل يوم الجمعة
"مش وحش أبدًا والله"
***
Yeah, I remember now the Prophecy :)
***
ما "أبدع" الغروب.. دائمًا
ولكن
تذكر أن حزن الغروب لدينا يعادل فرحة الشروق في النصف الآخر من الأرض
الغروب إذن فراق على أحد الجانبين، ولقاء على الجانب الآخر

(الجزء إلي فات ده من روايتي القادمة: المتفائلون)
:)
***
إذا كنا سنتحدث عن السجن، فلتقرأ رواية رضوى عاشور الجديدة
"فرج"
_______________________

Hanoon,

What shall I do, dear?
It's not me, it's the "imposing truth". Coincidences EXIST and HAVE meanings. Even if this stops for a while, it's only our blurred vision. Eventually, those who can see, and Haneen is the first of them, shall SEE.
____________________________

محبتي

Epitaph1987 said...

Sweet November..

sweet breeze while reading...

adorable chill..

"انها دوماً التفاصيل الصغيرة"

dandana said...

أنا حابة أقراكى أوى
لأنك فهمتى لغة الكون
كان يوم ثرى

منى ليكى
وردة بيضا

كلمات said...

Epitaph,

I wanna watch that movie.. "Sweet November" :(

أي نعم

التفاصيل الكونية الصغيرة.. لكن دومًا الكبيرة
__________________________

Dandana,

أشكرك يا عزيزتي
وأنا أحب تعليقاتك.. أكثر
.
.
وردتك البيضا تنضم في خجل إلى باقة الهدايا الكونية في خزانتي