Monday, December 22, 2008

"عارفة"




توطئة


تدور أحداث المشهد التالي في يوم ديسمبري مشمس ما بين ميدان "رمسيس" الواقع بوسط القاهرة، وميدان "الحنين" الكائن بوسط القلب


_____________


عندما حطت قدمي على أرض الميدان - مترجلة من ذلك الميكروباص العجيب الذي تقاضى خمسين قرشًا عن الرحلة من العباسية إلى رمسيس - كان "علي" يطرح سؤاله المعهود - بتلك النبرة التي تمزج بين الوجل واليقين: عارفة؟؟


وسط نبضات موسيقى عمر خيرت، وتنويعات علي التي تبدأ بـ "عارفة"، و"مش عارف ليه"، و"حاسس"، بدا الميدان مختلفًا عما اعتدت عليه إلى حد كبير. انحسرت كل أصوات الباعة واتخذت ركنًا منزويًا من المشهد. توقفت أيضًا حركة السيارات لجزء من الثانية ثم عادت للحركة البطيئة بشكل يشبه المؤثرات السينمائية حتى أنني شعرت أنني جزء من فيلم تسجيلي


الشيء الوحيد الذي بقى على حاله - تركوازيًا كما هو دائمًا في اللون والإحساس - كان المحطة.. محطة مصر. تعلق نظري بها أطول من اللازم، واستعدت في ثوان كل مرات السفر، والوداع، والوصول في حياتي


بينما كنت أعبر الطريق نحو الفجالة، كان "علي" قد وصل إلى جملتي المفضلة: "حاسس إن يمامة بتشرب بكفوفي".. ذلك الجزء الذي أشعر كلما سمعته بزغزغة في باطن كف يدي. في الأفق غير البعيد، لاحت لوحة إعلانات كبيرة تستند إلى سطح أحد العمائر القديمة الصفراء صاحبة الشبابيك الطويلة ذات اللون البني المحمر. مرت أجزاء أخرى من ثانية خارجة على سيطرة الساعة التقليدية، أدركت خلالها أن الوجه غير واضح الملامح في اللوحة لـ "علي" وأن اللوحة بأكملها إعلان عن ألبومه الجديد "حوا وآدم". كان يرتدي قميصًا شتويًا رصاصيًا ويستند في استرخاء معدٍ إلى خلفية من درجات الرصاصي يقطعها قلب أحمر صغير يقف بجانب العنوان. أطلت النظر.. غير مصدقة. سألت نفسي للحظة من أين يأتي الصوت.. من السماعات في أذني أم من تلك اللوحة التي تبدو غريبة تمامًا عن المكان؟ لم أر له إعلانًا من قبل في أي مكان.. لم تعتد عيني أن تقابل في تلك الإعلانات الضخمة التي تحتل سماء القاهرة سوى بوسترات الأفلام الرديئة و"نجوم" روتانا الذين يلوثون ميدان التحرير دون أي مبرر تاريخي أو جغرافي


انتبهت من بين تساؤلاتي إلى أن الفجالة أصبحت أمامي تمامًا، وأن الثانية الخارجة على أمر الزمن قد انتهت.. ولكن يبدو أن هذا اليوم العجيب يأبى أن ينتهي. بينما كان أحد الباعة يمارس عملية ابتزاز لوالد أحد الأطفال بإغراء الطفل باللعب بشكل بهلواني - ذلك التصرف الأخرق الذي يستفز الأم في - نفخ ذلك البائع نفخة كبيرة من علبة الفقاقيع الصابونية الملونة، ونتج ذلك الفعل غير التربوي عن اندفاع سحابة كبيرة من الفقاعات الملونة الصغيرة التي لم أجد بدًا من المشي بداخلها في نفس الثانية التي كان "علي" يختم فيها أغنيته. لم أملك سوى أن أبتسم في الشارع - كما اعتدت أن أفعل كثيرًا في الفترة الأخيرة - ورددت في سري: عارفة.. والله عارفة


___________________________


حاشية: بمجرد أن دخلت الفجالة، وجدت دار غريب - وجهتي - مغلقة، ولكن الأمر لم يعنيني في شيء.. تمامًا

6 comments:

Nour said...

الله الله
والنبي لتقولي كمان
:)))

Beautiful Mind said...

أنا أول ماشفت رمسيس ومحطة مصر
قلت انك عملتيها ورحتى اسكندريه.
اصل حضرتك كده نزلتى فى المكان اللى فيه سواقين الميكروباص
بينادو ا ..اسكندرية اسكندرية..وتحس ان ريحة البحر بتناديك وتزغزغك
بس الحمد لله
طلعت دار غريب..مش اسكندرية :)
اسكندريةلسه شوية...ممكن فى نص السنة
:)
_____________
وبعدين انتى معرفتيش كويس.. قصدى مسمعتيش كويس هوا بيقول
حساسس انى لأول مره بشوفك
وانى بشوفك من أول لحظه فى عمرى
حاسس انى يمامه بتشرب فى كفوفك
وانك شجرة ..وضله وميه...بتجرى
______
مع تحياتى "لميدان الحنين"
:)

Epitaph1987 said...

Ouch!

you've touched me!


and you know..what "3arfa" means to me!!


Thanks to my lovely butterfly! :)

روز said...

بعيدا عن حالة الخرس الردودي مؤخرا
وبعيدا أصلا عن التغريب مؤخرا برضه عن عم علي - مش ح افرجها عليك !

بس فعلا الاغنية زي ما قلت لك لونها أخضر
زي اللي انتي كاتبه بيه تمام
مش أخضر زرعي ولا غامق زتوني ولا أي شيء تاني
زي اللي انتي كاتباه
..
أغنية منير (صوتك) لونها أحمر فاقع
والجيرة والعشرة لونها ترابي كده.. زي لون الشارع ساعة العصر وهو مرشوش بمية ونازلين نشتري لوليتا واللبان السحري
- زمان يا معلم !-
..
وعارفة لونها أخضر
..
شكرا لاختيارك الألوان، وتحويلها لحقيقة لونية بعيدا عن كونها سرابات في تلافيف عقلي
:)
*جنيتي *
wink :)

كلمات said...

Nour,

ميعادنا أول خميس من كل شهر

:))
________________________

Beautiful Mind,

أنا مش عارفة إنت بتجيب منين السيناريوهات الغريبة دي؟

اسكندرية إيه وميكروباص إيه؟

مافيش الكلام ده خالص في رمسيس
;)
(كانت الرقابة أوصت بحذف أي إشارة إلى أي سكة سفر احترامًا لمشاعر الناس إلى كانت بتمتحن)
:)
.
.
وشكرًا على التصحيح
:)
___________________________
Epitaph,

Well..

*أي خدعة*

:))

(وبالمناسبة دي.. اطلعي بالفيديو أحسن لك)
!!
_____________________________
Haneen

:)))))

بعيدًا عن أي حاجة.. شكرًا على نظرية "ألوان الأغاني".. بجد

*عارفة لونها أخضر.. فعلاً*

**جنيتك**

____________________

محبتي لكم جميعًا
:)

روز said...

يا منىىىىىىىى

إلى البعيييد.. إنتي فين؟

كل دي غيبة؟ دور البرد عامل عمايله وللا ايه؟
إنتي فين؟