Sunday, August 24, 2008

أطياف.. من غرناطة

عرفت تميمًا وصيف العام الفائت يسلم مفاتيح الدار للخريف، ثم رأيت مريدًا وقت التقاء الخريف بالشتاء، وقرأت رضوى في عز الصيف، عندما لا يكون هناك تسليم مفاتيح، أو لقاء، أو وداع، عندما يستبد الصيف ولا نجد بدًا من التسليم باستبداده
.
.
بوركت هذه العائلة
.
.
تؤرقني كثيرًا فكرة أنه ربما كنت سأعيش وأموت دون أن أعرف ثلاثتهم.. مريد.. رضوى.. تميم
الفكرة على أي حال.. مستبعدة، فالطرق - رغم كل شيء - مازالت لا تضن علينا باللقاء
.
.
ثلاثية غرناطة نصٌ تحياه.. لا تقرأه
.
.
قرأته بالكامل تقريبًا في الحافلة.. شهدت الحافلة كل طقوس القراءة
الدموع
الضحك
أقواس كثيرة بالقلم الرصاص
إعادة قراءة الكثير من الصفحات
وأيضًا
السهو عن محطة النزول.. أكثر من مرة
.
.
في غرناطة المكان، هناك الكثير مما لا يسع المرء أن ينقطع عن عودته بعد الزيارة الأولى
(أو هكذا يخيل إلي)
في غرناطة النص، هناك الكثير مما لا يسع المرء أن ينقطع عن قراءته بعد القراءة الأولى
(هكذا عرفت ولمست)
.
.
هنا بعض من غرناطة.. النص.. المكان.. أو توحدهما
.
.
وصار أول المخطوط في الكتاب
لم يحجب خفوت ضوء الغسق عن سليمة وجه سعد.. لم تفهم اختلاجه ولا اجتماع الصفاء والكدر على صفحته المرتعشة بحزن عميق أحسته وإن لم تحط به. ولما رأت تلك الدمعة التي انحدرت من طرف العين خلسة مدت يدها إلى يده وأمسكت بها
(أحب هذه الفقرة.. أراها تسجل فوتوغرافيًا اللحظة التي أحبت فيها سليمة سعد.. دون أن تدري)
.
.
هذا القلب الذي يطلب فجأة ما لا ينال.. غريب هذا القلب، غريب
(تطرح غرناطة عددًا لانهائيًا من الأسئلة)
.
.
هل تراهم بعد ذلك أم ينقضي العمر، عمرهم وعمرها، دون أن تلتقي العيون بالعيون؟
.
.
ما الخطأ في أن يتعلق الغريق بلوح خشب أو عود أو قشة؟ ما الجرم في أن يصنع لنفسه قنديلاً مزججا وملونا لكي يتحمل عتمة أيامه؟ ما الخطيئة في ان يتطلع إلى يوم جديد آملا ومستبشرا
.
.
كان عليه أن يواجه النهار، كيف يواجهه؟
.
.
هل في الزمن النسيان حقًا كما يقولون؟ ليس صحيحًا. الزمن يجلو الذاكرة كأنه الماء تغمر الذهب فيه، يوما أو ألف عام فتجده في قاع النهر يلتمع. لا يفسد الماءُ سوى المعدن الرخيص، يصيب سطحه ساعة فيعلوه الصدأ. لا يسقط الزمن الأصيل في حياة الإنسان
.
.
عندما أذن الله للصبح الطيب بأن يطلع
(في غرناطة.. لا توجد إجابات نهائية.. فقط محاولات)
.
.
لا أرض بلا سماء: يا أحكم الحاكمين يا صاحب الزرقاء العالية يا وعد الحق.. يا الله
.
.
تبدو المصائب كبيرة تقبض الروح، ثم يأتي ما هو أعتى وأشد فيصغر ما بدا كبيرًا وينكمش متقلصًا في زاوية من القلب والحشا
.
.
في وحشة سجنك ترى أحبابك أكثر، لأن في الوقت متسعًا، ولأنهم يأتونك حدبًا عليك في محنتك، ويتركون لك أن تتملى وجوههم ما شئت وإن طال تأملك
.
.
تعرف أن الوقت لم يحن ولكنها ترى بعين الخيال عودة الغائبين، وتنتظر
.
.
تتلبد السماء بالغيوم أحيانا وتظلم، ولكنها أيضا تشرق في أحيان أخرى
.
.
أيضًا في غرناطة
تتحدث رضوى عاشور عن "رائحة العشب المبلل".. الرائحة التي عرفتها منذ زمن طويل.. وأدركت معناها مؤخرًا.. وكانت مفاجأة من زمن الفرحة البعيد أن أجدها عند رضوى
.
.
.
.
الكتابة عن غرناطة شفاء.. تمامًا مثل قراءتها
_____________________________________
الصورة: مشهد عن قرب لأحد أجزاء قصر الحمراء بغرناطة
جميع الاقتباسات الملونة ذات الخط المائل: من ثلاثية غرناطة
أطياف: اسم رواية لرضوى عاشور

7 comments:

Anonymous said...

:)

see.. it's one of the best lived novels..i've read! it's indeed not read..but lived...! :)

Beautiful Mind said...

الاقتباسات رائعه ماشاء الله

لا يفسد الماءُ* سوى المعدن الرخيص....
لذلك يقال دائما ان الناس معادن
منهم من ينصهر بسرعه ويذوب فى الحياه ..ومنهم من لا تقوى النار على صهره.
او كمايقولون توقد النار على الذهب ليزداد نقائه وقيمته
وتبتلينا الحاية بالشدائد لتزيد من نقائنا وصلابتنا

*اقترح رفع الماء لأنها الفاعل حتى لا يلتبس المعنى على من يقرأ الجمله

ساحتفظ لنفسى بهذا الاقتباس

(في وحشة سجنك ترى أحبابك أكثر، لأن في الوقت متسعًا، ولأنهم يأتونك حدبًا عليك في محنتك، ويتركون لك أن تتملى وجوههم ما شئت وإن طال تأملك)

فى وحشة السجن او الوحده يصبح المرء قادراً على استحضار أرواح من يحب.!

روز said...

أنا ح اعمل لك زي صديقي المدون أحمد جمال: يا خرااااااااابي !
الكتابة عن الرواية والصورة نفسها والإحساس الجميل بيها, كل ده يخليني أقول يا خراااابي كبيرة أوي أوي!
جميلة جدا إلى حد غير عادي، وليها عندي مذاق رمضان لأني قرأتها فيه، فكنت باقرأ واعيط بعدين الاذان يأذن اقوم افطر وأنساها خالص، لغاية تاني يوم !!
بس هيا لسه في بالي يا نونة ..
...
بوركت، وبورك الباص لأنه سمح لك بالقراءة :):)

القلب الطيب said...
This comment has been removed by a blog administrator.
كلمات said...

Epitaph,

Indeed.. indeed :)

___________________________

Beautiful Mind,

I agree on your two choices.. whole-heartedly :)

وستؤخذ ملحوظتك اللغوية المستبصرة بعين الاعتبار.. فورًا

كلمة جانبية: حتى في وحشة السجن أو الوحدة.. هناك نور الأحباب
_____________________________
حنين

يا خرااااااااااااابي عليكي إنتي
وعلى تعليقاتك
"الدافية"
:)

ستبقى غرناطة في بالك دائمًا

______________
بوركتم جميعًا
(مع الاعتذار لحنين)

Anonymous said...

حلو ، ثلاثية عائلية أحترمها وأجلها ، وجميل اقتباسك من الرواية الجميلة واسقاطاتها ومعانيها ، برافو

ملاحظة : إذا أحببت الاستزادة اقرئي عن شقيق الشاعر مريد وعم تميم ( منيف البرغوثي ) وكيف اغتيل ومن تآمروا لاغتياله ، وصولاً إلى قصائد رثائه من أخوته ، وستصلين طبعاً لوالدته وموقفها وأنا واثقة أنك ستنبهرين بالشهيد والعائلة ، والوطن الجميل

في انتظارك دوماً ،

dandana said...

انا أستمتعت بالكلام عن الرواية
والإقتباسات تدل على إنها رواية ثرية
ففط ينقصنى قرآئتها