كانت تطل علي بين الحين والآخر.. تفتح الباب بما يكفي فقط لتدخل رأسها.. تنظر إلي في إشفاق.. "عاملة إيه؟".. لم أستطع ان أخفي عليها إحساسي في كل مرة.. كنت أقول لها.. في صمت.. "إني أغرق".. وكانت تسمعني جيدًا.. يزداد قلقها، وتتمتم ببعض الكلمات الغاضبة مما يحدث.. تسحب رأسها بتوتر.. وتغلق الباب . .
هرمت فردي نجوم الطفولة حتى أشار ك صغار العصافير درب الرجوع لعش انتظارك . .
الجسر
بالأمس جاءت تصلي في غرفتي.. قبل أن ترفع يديها لتكبر، سرحت وهي تنظر إلى سقف الغرفة، وتعدل رداء الصلاة.. فاجئتني بصوتها وأنا أظنها قد انخرطت في الصلاة:بصي يا منى، اتخيلي إنك ماشية في غيط مليان خضرة أو جنينة جميلة، وقابلتك "قناية" فيها مية راكدة، ولازم تعديها عشان تكملي رحلتك وسط الخضرة، وع البر التاني إنتي شايفة وشوش كل إلي بتحبيهم، بيبصوا لك ومستنيينك.. عارفة هتعملي إيه؟ هتفضلي ماشية ماشية لغاية ما تلاقي جسر صغير ما هو إلا جذع شجرة، هتعدي عليه وإنتي خايفة، وتمشي بالراحة خطوة خطوة، وتمسكي إيد صحابك إلي معاكي، وتسندوا بعض، وبعدين هتوصلوا، وتلاقونا مستنيينكوا ع البر التاني، وتكملوا الرحلة.. وسط الخضرة انتهت هي من كلامها، وأنا ارتسمت على وجهي ابتسامة تسللت خلسة إلى القلب.. مازالت محتفظة بخيال الطفولة الملون.. هكذا هي أمي.. أداعبها دائمًا بشأن خيالها اللا محدود . .
ضعيني إذا ما رجعت وقودا بتنور نارك و حبل غسيل على سطح دارك لأني فقدت الوقوف بدون صلاة نهارك . .
من كل ما حدث في الأيام الثلاثة الماضية لا أريد أن أتذكر سوى تلك اللحظات، وتلكالحديقة، وذلكالجسرالذي تحدثت عنهم أمي.. قد كفانا ما قد كان _________________________ الشعر: محمود درويش لحنه وغناه: مارسيل خليفة أحن إلى خبز أمي